ماذا أصنع في أول دورة لي كمدرب؟

السؤال: أستاذي الكريم ، قد قرأت مقالك الأول عن الانطلاق في التدريب ، هب أني انطلقت ، ما هي نصائحك لي في أول دروة أقدمها كمدرب أو كمدربة؟


الجواب: جوابي أخي المبارك / أختي المباركة في هذه النقاط التالية :

(1) : يقولون العبرة في النهايات ، وأنا أقول العبرة في البدايات والنهايات ، فمن كانت بدايته ضعيفه قد تنطبع في أذهان الحاضرين عنه صورةً ذهنيةً أنه هزيل وضعيف وتبقى هذه الصورة أمداً ، وكما يقال فالعود من أول ركزة ، فخطط جيداً للانطلاق بقوة في أول دورةٍ لك ، ولا تعطِ لنفسك انطباعاً أنك في بداياتك وأنك مبتدئ وأنك لست صاحب خبرة ، بل كم من مبتدئٍ فاق من له سنين في التدريب ، أقولها وأنا واثق ومطلع ومجرب وشاهدت ، العبرة في التدريب بفهمك لما تطرح وإبداعك في طريقة إيصاله وتنويعك واختيارك للأساليب المناسبة ، وقد حضرت لمدربين بعضهم يزعم أن له في التدريب سنين عدداً ، بينما لو كان الخيار بيدك لأبعدته عن عالم التدريب ، ففي التدريب اعلم أنك تحتاج إلى الشغف والإبداع والحب لدورتك ، حينها تنطلق بقوة بإذن الله .

(2) : أعدّ العدة لدورتك وجهز لها وكن مستعداً ، بدءاً بحضور دوراتٍ فيها ثم الإكثار من القراءة عنها ومشاهدة كل ما يتعلق بها ، ثم إعدادك للحقيبة التدريبية بشكلٍ يتوافق ويتناسب مع طريقتك وأسلوبك ، منوعاً في أساليبك ، مجدداً في أنشطتك ، مبدعاً في مهاراتك .

(3) : قم بالتسويق لدورتك بشكلٍ جميل ، بدءاً بالمصمم الجيد لإعلانك ولو كانت الدورة مجاناً ، أرجوكم لا تنظروا للإعلانات أنها مجرد وسيلة بسيطة والأهم هو ما فيها من معلومات وبيانات ، ولا تبخلوا على أنفسكم بتصميمٍ جيد ، بل ادفعوا فالإعلان شيءٌ جاذب في الميدان ، ألا ترى كم مرةً استوقفك إعلان جميل فركزت فيه ولو لم تكن ضمن ميولك ؟ قد تقول كم من إعلانٍ جميل محتواه فاشل ، فأقول وما المانع من أن تجمع بين الحُسنيين ، إعلانٌ جميل ومضمونٌ ثقيل ؟ انتقِ العبارات الرنانة لجذب الناس لدورتك ، ابحث عن مسوق يسوق لك دوراتك فذاك أفضل من كونك تنشغل بشكلٍ قوي بتسويق دوراتك بنفسك ووحدك فلا ندري أمسوقٌ أنت أم مدرب .

(4) : قم بطباعة حقيبتك بشكلٍ جميل ، فجمال الإعلان وجمال الحقيبة وجمال القاعة وجمال المادة وجمال الأسلوب وجمال التواصل وجمال الشهادة ، طريقٌ لنجاح دورتك ، والله جميلٌ يحب الجمال .

(5) : احرص على التشييك قبل دورتك ، راجع كل شيء مراجعة سريعة ، العرض والحقيبة والأدوات والأسلاك والبروجكتر واللوحة والأقلام وجهاز مقلب الشرائح وكل شيء تحتاجه .

(6) : احضر مبكراً قبل المتدربين ، احرص على ضيافتهم إن لم تكن ثمة ضيافة ، كن كريماً باذلاً مبتسماً مصافحاً مرحباً بهم ، كن واثقاً في وقفتك مستعداً للانطلاق

(7) : قم بتجهيز طاولات المشاركين بوضع أدواتك عليها وألعابك وأوراقك وكل ما ستطلبه منهم في الأنشطة من خلال دورتك التدريبية .

(8) : ابدأ بالتعريف بنفسك بشكلٍ مبسّط ، دع سيرتك الذاتية في حقيبتك لا في عرضك ، سردك لسيرتك الذاتية واعتماداتك وعضوياتك قد يؤثر سلباً عليك في الدورة ، فأنت قد تضخم نفسك بسيرتك فتعطي ذائقة مرتفعة لمن يحضر لك فيبدؤون يتوقعون الأفضل والأفضل ، ولربما تعطي بفاعلية لكن لم ترتقِ للذائقة التي منحتهم إياها من خلال سيرتك الذاتية ، ولذلك كن متواضعاً في التعريف بنفسك ، ولتكن سيرتك الذاتية الحقيقية هي ما تقدمه لهم من عطاء وبذل وإبداع في دورتك التدريبية ، ولذلك لو سألتك سؤالاً وقلت لك من المدرب الذي تتمنى أن تحضر له دورة ؟ لقلت فلان ، تتمنى الحضور له رغم أنك لم تقرأ سيرته الذاتية ولا عضوياته ولا اعتماداته ! العبرة بك أنت في الميدان وفي القاعة ، لا بأسطر سيرتك الذاتية ، وقد كنت أقول : السيرة الحقيقية للمدرب تكون في القاعة التدريبية .

(9) : قدم لهم نشاطاً تعارفياً لتذيب الجليد وتكسر الجمود بينهم ، كن لطيفاً معهم ، قسمهم لمجموعات ، خاصةً إن كانت الدورة ليست بجماهيرية ، ثم اجعلهم يختارون اسماً .

(10) : التعارف تزداد أهميته كلما ازدادت أيام الدورة ، أما إن كانت الدورة أقل من 3 ساعات فليس مهماً التعارف فيها ، بل يكتفى بالاسم والعمل وما شابه ، وأحياناً لا تحتاج حتى للأسماء بل تدخل في موضوعك مباشرة ، أما إن كانت الدورة طويلة فاحرص على التعارف الذي يذيب بينهم الجليد ويتعارفون فيما بينهم ، واستعن كذلك بقصاصات الأسماء على الطاولات ونادهم بأسمائهم أو الكنى فهي أحب إلى القلوب .

(11) : لا تعتمد كثيراً على عرض البوربوينت ، بل قم بالاستفادة ممن حضر ، شغّلهم من خلال الورش والأنشطة حتى لو في التعريفات .

(12) : عرض البوربوينت له فن ، ليس المجال مجال بسطه ، لكن باختصار إن لم تكن مصمماً بارعاً فاستعن بمصمم ، رجاءً أترك البخل جانباً واترك تقمص شخصية المصمم ليخرج لنا عرضاً سيئاً ، ادفع من جيبك لعرضك ، كم رأيت من عروض بوربوينت مُخجلة لمدربين ومدربات .

(13) : كن محفزاً في دورتك التدريبية بنقاطٍ أو نجومٍ ولو كانوا كباراً ، لا تنسَ أن تكون عادلاً وإلا أكلوك بقشرك .

(14) : إياك والتصادم مع المتدربين ، بل كن ذكياً دبلوماسياً واخرج من المواقف الحرجة بذكاء .

(15) : كن قريباً منهم وقت الأنشطة ، حفزهم ، شاركهم ، كن متجولاً بينهم .

(16) : لا تُجب على شيءٍ لا تعرفه بمعلوماتٍ خاطئة ، بل قل سؤال جميل ووجه السؤال للحاضرين لعلهم يفيدوك ، أو قل لعلنا نترك مجالاً للأجوبة في نهاية الدورة بحيث يكون معك فرصة للبحث عن إجابة ، أو قل حالياً لا يحظرني الجواب لكن سنبحث ونفيدك بإذن الله .

(17) : لا تتحدث عن نفسك كثيراً فالناس لا يحبون ( الأنا ) ، إلا إن كانت دورتك نابعة من خبراتك وعملك فتضطر لأن تقول فعلت وفعلت فهم حضروا لأجل أن يستفيدوا مما صنعت .

(18) : لا تكن بخيلاً في حقيبتك ، متعذراً بحقوقي وتعبي ، الله أكبر يا ابن تيمية ! أعط حقيبتك لمن يطلبها وكن كريماً وهذا لن يضرك ولو انتشرت بل سيزيد من بركتك ومحبتك ، وسيعطيك دافعاً لأن تطور من حقيبتك التدريبية كونها أصبحت منتشرة .

(19) : لا تنظر إلى ساعتك ، ولا تسألهم كم بقي من الوقت ، فغالباً النظر إلى الساعة وسؤال كم بقي من الوقت يعطي انطباعاً بثقل الدورة ، كن ذكياً في استراق النظر لمعرفة الوقت .

(20) : كن بشوشاً ، كن بشوشاً ، كن بشوشاً .

(21) : تقبل في نهاية الدورة نقدهم البناء ، واحمد الله على إيجابياتهم وشكرهم .

هذه بعض النقاط كتبتها على عجالة وفي الجعبة كثير ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق ، ودمتم بخير .

صدر حديثاً: كتاب ما لا يسع المدرب جهله!


This will close in 20 seconds