الإخوة الزملاء الأخوات الكريمات ، تحية طيبة وبعد ، من الأسئلة التي وردتني :
أستاذي الكريم ، قد قرأت مقالاً عن التدريب عبر الواتس وذكر فيه صاحبه أنه خدعة وخلط ..إلخ فما رأيكم في ذلك وما رأيكم في دورات الواتس أب؟
جوابي أخي المبارك أختي المباركة في هذه النقاط التالية:
قد قرأت المقال الذي ذكرتموه ، أوافقه في البعض وأخالفه في كثير ، والكاتب مندفع في مقاله لسبب ذكره هو ، وهو أنه قرأ إعلاناً لقروبِ واتس في متابعة الحمية بملبغ معين من المال ، ثم قال ” لا يمكن لأحد أن يغير سلوكه من خلال الواتساب” وقال “من الحماقة أن نقبل بهذا” ثم ذكر أنه شاهد مقطعاً على اليوتيوب لدورةٍ وبدأ يذكر أنها لا ترتقي لمستوى دورة ..إلخ.
ولي مع كلامه وقفات :
(1) : من القواعد التي ينبغي أن نضعها نصب أعيننا ، ألا نحارب شيئاً لم نتأكد بنسبة كبيرة من عدم نفعه ، فما نحاربه اليوم قد نتسابق إليه غداً ، وقد تخرج لنا التقنيات تطبيقات حديثة نحاربها في البداية ثم نجد أنفسنا نتسابق لها فيما بعد.
(2) : التعميم لغةٌ لا يقبلها أحد ، فليس من المقبول أن تحضر عند معلمٍ فاشل، ثم تعمم الفشل على كل معلمي الأرض ! أو أن ترى إعلاناً ثم تحكم عليه دون الحضور ، وهلم جرى ، نعم هناك في كل ميدان من يسيء إلى أهله ، فالطبيب الفاشل فشله على نفسه ويؤثر في سمعة الطب ، والمعلم الفاشل فشله على نفسه ويؤثر على سمعة التعليم وهكذا ، لكن لابد أن ننظر بحيادية وإيجابية فهناك من هو متميز وصادق ، والقلة دائماً متميزة في كل مكان ، أما الكثرة فغالباً تكون مهاراتهم عادية.
(3) : قد يكون كاتب المقال حضر دورةً عبر الواتس ثم حكم بهذا ، وهذا خطأ بلا شك ، فإن كان حضر ولم يوفق المدرب الذي قدم الدورة في طرحه فالمدرب هو الفاشل وليس التطبيق ، وإن لم يكن كاتب المقال حضر دورةً عبر الواتس فمن الجهل إذن أن أحكم على شيءٍ لم أجربه ، فالحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره.
(4) : الدورات عبر التطبيقات الحديثة أو عبر الشبكة العنكبوتية أو المباشرة ، يؤثر فيها عامل ( المدرب ) بشكل كبير ، فقد يأتي مدرب جيدٌ في الدورات المباشرة لكنه لا يجيد التعامل مع التطبيقات الحديثة والأون لاين فيفشل ويهرب عنها ، وقد ينظر لها المدرب من نظرةٍ ثانية أنها ستؤثر في قيمة دوراته حين يكون في متناول الجميع عبر التقنيات فلا يدخلها ، وقد يأتِ مدرب لا يتقن من الأساليب إلا المحاضرة ويخشى مقابلة الجمهور وجهاً لوجه فيهرب إلى الأون لاين ليطلق للسانه العنان من خلف الشاشات فينقل لنا كماً من المعلومات ، فخلاصة القول أن التميز والإبداع والتأثير وتغيير القناعات هي تعود على المدرب وأساليبه .
(5) :ذكر أن الواتس لن يغير من القناعات وأن هذا جهل ! ولا شك أن كلامه هذا مردود ، فكم تغيرت لدينا من قناعات بمقاطع شاهدناها أو بكتابٍ قرأناه أو نقاشٍ حضرناه ، فمعظم إنجازاتنا هي من مشاهدات أو قراءات بعثت فينا الأمل للتغيير وأعطتنا الخطط والطرق لذلك ، فكيف حين يجتمع في قروب أساليب شتى تدريبية من محاضرةٍ (مقاطع صوتية) وحوار وصورٍ وتعليقٍ ومقاطع وغيرها من الأمور ، أفلا تحدث تغييراً !! ، نعم لن تتغير القناعات عند المدرب الفاشل ولو ألقى لك دورةً مباشرة أو أون لاين أو واتس ، لكن قد تتغير قناعاتك عند المدرب المتميز ولو باتصالٍ هاتفي ، وهذا مجرب.
(6) : أما ما يخص انتشار الدورات بشكل كبير في الواتس بل حتى أني رأيت إعلانات عبر السناب ! فأقول : نعم ليست كل الدورات تناسب أن تكون عبر تطبيقات حديثة ، أو تناسب أن تكون بالأون لاين ، فهناك من الدورات ما لا ينفع تقديمها إلا مباشرةً لأنها تستلزم التطبيق كتدريب المدربين والإلقاء وغيرها – وإن قُدمت فتبقى تنظيرية غالباً -وهناك من الدورات ما يغني عنها الواتس أو غيره ، خاصةً إن كانت تميل للجانب النظري والثقافي أكثر من التطبيقي ، والقاعدة أن الدورة كلما كانت تطبيقية فالمباشر أنسب لها.
(7) : قد جربت أنا شخصياً الدورات المباشرة وألقيت عبر منصاتٍ إلكترونية (قاعات افتراضية) وجربت تطبيق الواتس (متدرباً ومدرباً) ، فوجدت أن الأمر متعلقٌ بالمدرب وإمكانياته ، وجدت المتميز في المباشر (وهم قليل) وآخرون في الأون لاين (وهم أقل) ونادراً في الواتس ، ووجدت الفاشل في المباشر ، والفاشل في الأون لاين ، والفاشل في السناب (وهم كثير) ، فقد تحضر عند مدربٍ فيضيع وقتك بمجرد مقاطع صوتية مسجلة يرسلها لك واحداً تلو الآخر دون أية أنشطة أو تكليفات أو متابعة ، ومثل هذا يسيء للتدريب ولأهله ، وقد تحضر عند آخر فتجد أنه مبدع في إيصال المعلومات وصناعة الأنشطة التي تُسهم في اكسابك المهارة ، وقليلٌ ما هم.
(8) : من الأمور التي ينبغي أن ننتبه لها ، أن البعض قد يتساهل في إطلاق عبارة ( دورة تدريبية ) للتي يقيمها في الواتس أو الأون لاين ، بينما لو حضرت عنده لوجدتها أشبه بأمسية أو محاضرة أو لقاء ، وليس دورةً تدريبية.
(9) : من كان همه من المتدربين ( الشهادات ) فلا شك أن الحصول عليها عبر دورات قروبات الواتس سهل جداً رغم عدم الاعتراف بها نظامياً لكنها قد تفيد كسيرة ذاتية ، ومن كان همه الاستفادة فهذا يعود على موضوع الدورة وهل تلبي احتياجه أم لا ، ثم على المدرب ، هل يتقن التدريب أم هو دخيلٌ على هذا الفن فيُفسد من حيث لا يشعر.
(10) : قد تتفق بعض الأساليب في التقنية كالواتس والقاعات الافتراضية ، فالصوت والصور والمقاطع والأنشطة والمشاركات ، تجدها هنا وهناك ، لكن البعض يحبذ القاعات الافتراضية لمميزاتٍ فيها ، والبعض يحبذ الواتس لمميزاتٍ فيه ، وتبقى أن القضية هي (المخرجات) فمرحباً بالدورة المتميزة ذات الأثر ولو كانت في تطبيق ، ولا أهلاً بالدورة الفاشلة ولو كانت مباشرة.
(11) : ختاماً أقول ، الدورة المباشرة المتميزة أقوى بلا شك من الدورات الغير مباشرة ولو كانت مميزة ، وهذا أقوله من تجربة ، ولذلك لا أنصح بدورات الواتس أو الأونلاين وغيرها إلا لمن كان مضطراً لهـا والله الموفق.