أخي القارئ الكريم :
قبل أن أجيب عن سؤال المقال ( هل الحقائب التدريبية مهمة ؟ ) لعل البعض – ممن ليس من أهل التخصص – يتسائل : ما الحقائب التدريبية التي تتحدثون عنها ؟
فأقول إن الحقيبة التدريبية هي الدليل للمدرب والمتدرب (Catalog ) بما تحويه من مادةٍ علمية ووسائل وأساليب تدريبية وأنشطة وخبرة ، وتكون معدةً إعداداً علمياً جيداً لتساعد على اكتساب المعرفة والمهارة وتغيير القناعات ، وغالباً هي التي تراها توزع في الدورات التدريبية من مذكرات ورقية وأوراق وأنشطة وما يكون في الدورة من عرضٍ وألعابٍ تدريبية وتنوعٍ في أساليب الطرح ، وقد تكون الحقيبة أحياناً إلكترونية .
أما فيما يخص أهمية الحقيبة التدريبية ، فينقسم الناس في نظرهم للحقيبة التدريبية إلى طرفين ووسط ، طرف غالٍ وطرف مفرط وآخرون وسط ما بين الأمرين ، فمنهم من يعطي لأهمية الحقيبة التدريبية تقديساً وتبجيلاً وأن الدورات لن تجدي بدون الحقيبة التدريبية (وهؤلاء غلاة الحقائب التدريبية ) ! ومنهم من يرى عدم جدواها وأنها مجرد أوراقٍ ليست ذاتَ أهميةٍ في الدورات التدريبية (وهؤلاء جفاةُ الحقائب التدريبية) ، وكلا الفريقين لم يُصبْ ، والوسط خير ، فالحقيبة التدريبية تصعد أهميتها وتنخفض لستِ ميماتٍ – من وجهة نظري – هي :
خلو الحقيبة التدريبية من الأنشطة ، فتجد أنها أشبه بالكتاب ! مليئة بالحشو والمادة العلمية ، مفتقرة للبناء المتخصص بالحقيبة التدريبية ، وهذا مما يضعفها بلا شك .
ثانياً : تقويتها ، وذلك يكون بعدة أمورٍ منها :
- البناء العلمي الجيد.
- صناعة الأنشطة التدريبية الممتعة والمرتبطة بالمحتوى.
- ربط المتدرب بالحقيبة التدريبية.
- الإخراج الفني الحديث والطباعة الجيدة واختيار الخطوط المناسبة حجماً وشكلاً، خاصةً حين يتولى تصميمها المدرب بنفسه.
- التوازن بين سير الحقيبة التدريبية والعرض قدر الإمكان.
- أن تكون الحقيبة بلغةٍ مفهومة.
المكان
قد لا نحتاج للحقيبة التدريبية في رحلةٍ بحرية أو بريةٍ يتم من خلالها إكساب المهارات والتزويد بالمعارف ، أو حين تكون الدورة جماهيريةً يحضرها المئات من الناس ، فهنا غالباً يركز المدرب على المعارف أكثر من المهارات فتقل أهمية الحقيبة كما ذكرت سابقاً ، ولستُ أدعو هاهنا إلى إهمال الحقائب التدريبية في الدورات الجماهيرية ، بل ينبغي أن نحترم من حضر لنا وأن نعد حقيبة تدريبية تناسب المكان والمستهدف والعدد ، فحقيبةٌ لدورةٍ جماهيرية ليست كحقيبةٍ لدورةٍ مصغرة ، وقد تكون بيئة التدريب إلكترونية ، كالدورات التي تقام عبر المنصات التعليمية ويكون الجهد الأكبر في التعلم الذاتي من قِبل المتدرب ، فهنا تزداد أهمية وجود الحقيبة التدريبية.
المدة
إن للمدة الزمنية دور في التأثير على أهمية الحقيبة من عدمها ، فمن وجهة نظري أن الدورة كلما قصرت مدتها عن ثلاث ساعات ، فليس ثمة أهمية لوجود الحقيبة التدريبية ، وكلما زادت مدتها كلما ازدادت أهمية وجود حقيبةٍ لها ، ويبقى أن المدرب ينبغي أن يعتني بدورته وأن يخرج بالمظهر الحسن والحقيبة المناسبة للمحتوى والوقت ولو كانت دورته أقل من ثلاثِ ساعات.
محتوى الدورة
فحين يغلب الجانب التطبيقي (المهاري) في الدورة التدريبية بنسبة 80% فأكثر ، فهنا لا تصبح الحقيبة التدريبية ذات أهمية ، كدورات الصيانة التطبيقية وبعض دورات الحاسب الآلي والخط والدورات الرياضية وغيرها ، أما إن كانت الدورة التدريبية جزءٌ منها نظري والآخر مهاري فهنا تكون للحقيبة التدريبية أهمية بلا شك ، وأما الدورة التي يغلب عليها الجانب النظري بنسبة 80% فأكثر ، فهذه في رأيي لا تسمى دورة بل محاضرة تثقيفية ، وما أكثرها في الميدان ! .
المعد (مصمم الحقيبة التدريبية )
حين يتولى تصميم الحقيبة التدريبية من ليس أهلاً للتصميم ، أو ممن ولج لهذا الفن دون امتلاك أدواتٍ للإبداع ، فيُخرج للميدان حقائب تدريبية ضعيفة البنية والإخراج ، حينها يزهد المتدربون بالحقائب التدريبية ويرون أنها مجرد كماليات ، وعلى العكس تماماً حين يتولى تصميم الحقائب التدريبية صاحب خبرةٍ ودراية ، فيُحسن بنائها علمياً وفنياً ، فتخرج الحقيبة بحلةٍ جميلة ، حينها ستعطي انطباعاً بأهميتها بلا شك.
المدرب
قد يلعب المدرب دوراً كبيراً في مسألة ( إضعاف أهمية الحقيبة التدريبية وتقويتها ) من عدة زوايا :
أولاً : إضعافها ، وذلك يكون بعدة أمورٍ منها :
- عدم الربط بينها وبين ما يطرحه في دورته أو ما يعرضه لهم عبر (البروجكتر) فتجد بعض المدربين حقيبته غير مرتبةٍ مع طرحه وعرضه ! فهناك التقديم والتأخير والحذف والزيادة مما يشوش على المتدرب ومن هنا تنشأ عند المتدرب قناعة أن الحقائب التدريبية ليست ذات أهمية !
- الإخراج السيء للحقيبة التدريبية ، خاصةً حين يكون المدرب ممن لا يتقن بناء الحقائب التدريبية ويأبى إلا أن يعدها على ضَعفِه في ذلك ، فيكون المُخرَج ضعيفاً ، أو أن يقوم بإسنادها لمن يصممها ممن قلَّ ثمنه وبضاعته ليست بجيدة ، مستخسراً المال في البحث عن الجودة !.
ينبغي أن يعتني بدورته وأن يخرج بالمظهر الحسن والحقيبة المناسبة للمحتوى والوقت ولو كانت دورته أقل من ثلاثِ ساعات .
المتدرب
يسهم المتدرب بشكل كبير في الرفع من أهمية الحقيبة التدريبية ، فحين يكون المستهدف مثلاً من الأساتذة الجامعيين أو المعلمين أو غيرهم من المثقفين ، فهنا سيكون لوجود الحقيبة التدريبية الجيدة أهمية بلا شك ، أما حين يكون المتدرب من فئة الصغار أو الأميين ( الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب ) أو من إخواننا المكفوفين وليس ثمة سبيل إلى طباعتها بطريقة ( بريل ) فهنا وجود الحقيبة التدريبية المطبوعة للمبصرين لن تكون مهمةً للكفيف ، إلا إن قال قائل أنه سيأخذها ليتولى طباعتها بنفسه لاحقاً بطريقة بريل ، فهذا أمرٌ آخر .
وختاماً ، إن المتأمل لواقع التدريب سيجد أن لوجود الحقائب التدريبية ( الجيدة ) أهميةٌ كبرى ، حيث يغلب على الدورات الجمع بين المعارف والمهارات ، فهناك بعض الجهات التي تتولى إعطاء تصريحٍ للدورات جعلت من شروط منح التصريح وجود حقيبة تدريبية ، وأيضاً بدأت أغلب المؤسسات والشركات والجهات تركز على وجود حقائب تدريبية معدة بمنهجية واضحةٍ ويتفنون في إخراجها وطباعتها ، وقد وقفت على عدة مشاريع لجهاتٍ تطوعية قد خصصت المبالغ الكبيرة لبناء وتصميم الحقائب التدريبية ، وهذا بلا شك إن دل فإنما يدل على أهميتها خاصةً حين تبنى بطريقةٍ صحيحةٍ ، وأما أهمية الحقائب التدريبية بشكلٍ موسّع ، فهذا سيكون حديثنا – إن شاء الله – في مقالٍ لاحق ، ودمتم بخير .