دفعت نصف مليون على الدورات التدريبية

يا من تتطلع همتك إلى هذا الميدان ، وترقب ما فيه ، لتسمع كلاماً مشجعاً وآخر محبّطاً ، فترى الناجح وترى الضحية ، ثم تقف موقف الحيران ، اعلم رعاك الله أن ميدان التدريب كغيره من الميادين ، فيه أرباب المهنة وفيه المتسلقون ، تجد فيه الصالح والطالح والنافع والضار والجيد والرديء والثقيل والبسيط والمتردية والنطيحة ..إلخ ، ولذلك من المهم جداً قبل أن تشمر عن ساعديك لتدخل لجة هذا الميدان متدرباً يَقِظاً ، فتسأل وتستشير.

أقول لك هذا الكلام وقد سبقتك في الميدان بلا معلم ، فكنت ضحية دوراتٍ وهمية وأخرى لم أستفد منها وثالثةٌ ضعيفة ورابعةٌ جيدة وأخرى مميزة ، قد خضت غمار الدورات المباشرة ودورات الأون لاين والتطبيقات الحديثة ، وأمضيت فترةً أتنقل في رحاب اليوتيوب مع دوراتٍ مسجلة ، لا أخفيك سراً أني وقفت بعد سنوات فالتفتُّ خلفي لأنظر في مسيرتي التدريبية متدرباً بعد أن أصبحت مدرباً.

أخرجت شهاداتي لأقلبها بين يدي ، هذه أذكر أنها بألف وتلك بألفين وأخرى بخمسة ورابعة مجانية وخامسة بخمسمئة وهكذا، في تلك السنة التي كنت أتأمل الشهادات وجدت أني دفعت عليها ما يقارب الثمانون ألف ريال سعودي ولا شك أنها ستزيد فالتطوير مستمر في حياتنا، بل حدثني صديق لي قائلاً ” دفعت نصف مليون وأكثر على الدورات التدريبية والسفر لمدربين مشاهير على مستوى العالم ” مسكين صديقي هذا يظن أن المدرب القوي هو من يدفع أكثر.

قد لا تصدق إن قلت لك أن النصف من الدورات التي حضرتها أنا أو يزيد كان غثاءً بكل ما تعنيه الكلمة ، ولا زلت حتى عام 1439 هـ 2018 م أدفع وسأظل كذلك من المحبرة إلى المقبرة كما يقولون ، لكني الآن بدأت أدفع فيما يعود علي بالنفع غالباً ، وليست العبرة بكم تدفع على الدورات وليست القضية فردُ عضلاتٍ ودفعت ودفعت ، فالتدريب لا يقاس كله بكم دفعت.

ربما دفعك أحياناً يكون سذاجةً منك أو غباءً لأنك تضع المال في غير محله ، حين جلست أتأمل مع نفسي في تلك الشهادات والأموال التي دفعت وجدت أني كنت ضائعاً ، أتدري ما الذي أوردني المخاسر ؟ سأخبرك لكن أود ألا تقع فيما وقعت فيه ، هو سر بيني وبينك كما يقولون ، لأني أؤمن أن السر حين يخرج في أذن شخص آخر فعلى السر السلام ، كان السبب في ضياع جهدي ومالي ووقتي في التدريب عدة أمور :

  • عدم تحديد بوصلة التدريب تجاه جهة معينة ، بل كنت متخبطاً ذات اليمين وذات الشمال ، فكلما تحدث إلي شخص هو يميل لشيء وأجد أن حديثه أطربني ، حينها اتجهت لميدانهِ لأجرب ! وهكذا ضيعت مالي ووقتي وجهدي ، لأني كنتُ أحاول أن ألبس لَبوساً لا يناسبني .
  • الشغف بهذا العالم وهوس جمع الشهادات والساعات ، وأكثر الضحايا هنا هم المبتدئون .
  • عدم استشارتي لمن سبقني في هذا الميدان ، وكما يقال : ما ندم من استخار وما خاب من استشار ، ولا تستشر أي أحد ، فالعجيب أني وجدت كثيراً ممن خاض هذا البحر لا زال غريقاً ضائعاً وإن ادعى أنه مدرب المدربين .
  • توفر المبلغ ، فأحياناً وجود المبلغ في يدك يدفعك للتسجيل في كل ما هب ودب .
  • وجود المتسع من الوقت .

قد تقول ، فماذا أصنع إن كان لدي الوقت والشغف للتدريب والمال ؟

هذا ما سأتحدث عنه في مقالٍ قادمٍ بإذن الله .

صدر حديثاً: كتاب ما لا يسع المدرب جهله!


This will close in 20 seconds